و (العالمين) : المقصود بهم هنا الجن والإنس فقط، أما قول من قال: إن الملائكة داخلون في ذلك، وكذلك السموات والأرض، فهذا كلام تشم منه رائحة الغلو، ولا دليل عليه؛ لأن الملائكة هم رسل، وهم كما قال الله:{لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[التحريم:٦] ، فكيف يكون نذيراً لهم؟! ثم الملائكة في السماء، فكيف ينذرهم؟! فالنذارة إنما تكون لمن قال الله جل وعلا فيهم:{لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}[هود:١١٩] ، ولم يذكر منهم الملائكة، وإنما ذكر الناس والجن فقط، فيدل ذلك على أنهم هم الذين ينذرون.
والنذارة: هي الإعلام بالمخوف المتوقع حصوله، وهذا يدل على أن من لم يمتثل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه وشيك أن ينزل به العذاب وما أقربه منه! فمن العذاب ما هو محسوس مشاهد، ومنه ما هو غير محسوس، ولكنه يشاهده من كان في قلبه حياة، ومن ذلك تمادي الإنسان في المعاصي، وكلما ازداد عمراً زاد كثرة فعل في المعاصي، فهذا عذاب وعقاب؛ لأنه كلما زاد عمره زادت كثرة أفعاله، فكثرت سيئاته، فصار تعذيبه أعظم.