للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخلاف في التفضيل بين خديجة وعائشة وذكر بعض فضائلهن]

أهل السنة يختلفون أيهما أفضل خديجة أو عائشة؟ والله أعلم بأفضلهن، ولكن قد جاء لكل واحدة منهما خصائص ليست للأخرى، وجاء لكل واحدة منهن فضائل ليست للأخرى.

فمن خصائص خديجة: كونها أول زوجة تزوجها صلى الله عليه وسلم، وقد تزوجها وعمره خمس وعشرون سنة وكانت تزيد عليه في العمر بخمس عشرة سنة، وكل أولاده كانوا منها ما عدا إبراهيم، وكانت تناصره وتساعده وتواسيه، وكلما اشتد عليه أمر يأت إليها فتواسيه وتسليه، وتقول له: (والله! لا يخزيك الله أبداً؛ إنك لتصل الرحم، وتعمل كذا وتعمل كذا) فتذكر من محاسنه وتشجعه وتسليه، وكذلك كانت تساعده في الدعوة بمالها وبنفسها، وكان يحبها صلى الله عليه وسلم كثيراً، حتى إن عائشة رضي الله عنها قالت: ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة ولم أدركها، ولكن من كثرة ما يذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان إذا ذبح ذبيحة أهدى إلى صواحبها ما يكفيهن.

وبعث إليها رب العالمين السلام مع جبريل، فقال جبريل للرسول صلى الله عليه وسلم: (هذه خديجة قد جاءتك على يدها إناء، فإذا جاءتك فأقرئها من الله السلام) ، وهذا شيء من خصائصها لم يشاركها فيه غيرها.

أما عائشة رضي الله عنها فهي الصديقة بنت الصديق، وهي أحب النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما في الحديث الذي في صحيح مسلم: (أنه لما سئل: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة) والرسول صلى الله عليه وسلم لا يداري أحداً، ولا يخشى إلا الله، ولا يكتم شيئاً، فلهذا لما سئل عن ذلك قال: (أحب الناس إلي عائشة، قيل له: ومن الرجال؟ قال: أبوها) .

ومن خصائصها: كثرة ما تلقته عن الرسول صلى الله عليه وسلم من العلم، وما نشرته من الفقه والأحاديث التي سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي من المكثرين من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن خصائصها: أن الوحي كان ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متلحف معها في لحافها.

ومن خصائصها: أن الرسول صلى الله عليه وسلم توفي في يومها وهي محتضنة له، فمات صلوات الله وسلامه عليه بين سحرها ونحرها.

ومن خصائصها: أن الله جل وعلا طهرها وذكر براءتها مما رميت به بالوحي الذي أوحاه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وأصبح وحياً يتلى إلى يوم القيامة، ولهذا يقول العلماء: من رماها بشيء من ذلك فإنه يجب قتله وهو كافر بالله جل وعلا؛ لأنه مكذب لكتاب الله جل وعلا.

وفي الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: (فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام) ، والثريد: هو الخبز إذا أدم باللحم، وهذا هو أفضل الطعام.

<<  <  ج: ص:  >  >>