ولهذا يخبرنا جل وعلا أنه سريع الحساب، وأنه يحاسب خلقه في وقت واحد من أولهم إلى آخرهم، قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينهم حجاب يحجبه ولا ترجمان يترجم له) ، يكلمه بلا واسطة في الموقف، والكلام يكون للمؤمنين من أولهم إلى آخرهم، وكم عددهم؟! وكل واحد يرى أنه يكلمه وحده! مع أنه يكلم الخلق كلهم في آن واحد! فهذا لا يتصور أن يقع مثله أو قريب منه من مخلوق.
وكذلك في الدنيا الآن إذا قام الدعاة المحتاجون، أو العباد المصلون في آن واحد يدعون ربهم، كل واحد يسمعه الله جل وعلا ويعلم حاله ولا يشغله سماع هذا عن سماع الآخر من أولهم إلى آخرهم، وهذا شيءٌ من قدرة الله جل وعلا، فأفعاله تعالى لا يجوز أن تقاس بأفعال المخلوقين، حتى يقال: إن العلو والقرب، أو العلو والمعية متنافية؛ لأن الإنسان يجب أن يعلم أن هذا من خصائصه كما مثل.