أما الدرجة الثانية: فهي إنكار القدرية عموم الخلق وعموم المشيئة فقط، ولم ينكروا الصفة التي هي مشيئة الله، ولم ينكروا الصفة التي هي خلق الله، وإنما أنكروا أن تكون عامة شاملة في كل شيء، فكانت هذه أقل من الأولى بكثير، ولذلك لم يحكم بكفرهم، وإن كانوا قد ضلوا ضلالاً بيناً، ولكن فرق بين هذه والتي قبلها، وهذا هو سبب تقسيم المؤلف رحمه الله هذا التقسيم، فالدرجة الأولى تحتها شيئان، والدرجة الثانية تحتها شيئان، فمن أجل ذلك فرق هذا التفريق، وإلا فالقدر: هو علم الله وكتابته وعموم مشيئته فلا يقع إلا ما يشاء، وأنه هو الخالق لكل شيء، هذا هو القدر وهذا أمر لابد من الإيمان به، وقد جعله الرسول صلى الله عليه وسلم ركناً من أركان الإيمان، فلا يتم إيمان المسلم إلا به، ولهذا حكم الصحابة رضوان الله عليهم: أن من لم يؤمن بالقدر فهو كافر كما في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر أنه قال: (والذي يحلف به ابن عمر لو أن لأحدهم ملء الأرض ذهباً ثم أنفقه في سبيل الله لم يقبله الله منه حتى يؤمن بالقدر خيره وشره) .