[حقيقة نزول الله في الثلث الأخير إلى السماء الدنيا]
السؤال
إن الله سبحانه وتعالى ينزل في الثلث الأخير من الليل ويجيب الدعوات، فهل النزول حقيقي؟
الجواب
النزول حقيقي على ظاهره، وينزل وهو فوق عرشه جل وعلا، كما أنه ينزل يوم القيامة إلى الأرض فيفصل بين خلقه وهو على عرشه، ولا يكون شيء فوقه، هذا يجب أن يفهم على ظاهره كما سبق تكلمنا على النزول في الدرس الماضي، وقلنا: إن نزول الله ليس كالنزول الذي يتصوره الإنسان لمخلوق.
المخلوق إذا كان فوق السطح فنزل من على السطح فلابد أن يكون السطح فوقه، هذا نزول المخلوق، ولكن نزول الخالق ليس مثل هذا؛ فهو نزول خاص به، ونزوله يجب أن يكون مثل صفاته، وليس مثل صفات المخلوقين، وصفاته جل وعلا أخبرنا بشيء من هذا النوع، الذي يقرب للإنسان هذا المعنى، مثلما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يوم القيامة إذا جمع الناس من أولهم إلى آخرهم، في صعيد واحد وقام كل واحد واقفاً على قدميه؛ لأن الأرض لا تتسع لهم إلا وهم وقوف، وذلك لكثرتهم، مع إزالة البحار والجبال ومد الأرض مد الأديم؛ فإذا جاء لفصل القضاء فإنه يخاطبهم كلهم في آن واحد، وفي لحظة واحدة، يقول: فعلت كذا يوم كذا، وهذا لا يمكن أن يتصور من مخلوق ولا شيء من ذلك.
وكذلك في الوقت الحاضر الأرض مملوءة والحمد لله من المسلمين الذين يدعون الله، تجدهم في وقت واحد يتجهون إلى ربهم يدعونه، وكل واحد يستمع له الله جل وعلا، ولا يشغله سماع هذا عن سماع الآخر؛ تعالى الله وتقدس! فالمقصود أن يقاس فعله على فعله، ولا يقاس فعله على فعل المخلوقين فيضل الإنسان في هذا، فنزوله من هذا النوع، وبهذا يجاب عن الإشكال الذي يستشكله الذي يتصور أن نزوله كنزول المخلوقين، يقول: إن ثلث الليل يختلف باختلاف الأقاليم، فإذا قلنا بالنزول إنه ثلث الليل، يلزم من ذلك أن يكون نازلاً دائماً، فهذا لو كان النزول كنزول المخلوق، يمكن أن يتصور، أما بالنسبة لنزول الله فلا يتصور هذا، فهو نزول خاص به جل وعلا.