كيف نجمع بين قوله تعالى:{قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}[النساء:٧٨] وبين قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}[النساء:٧٩] ؟
الجواب
نقرأ الآية من أولها:{وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ}[النساء:٧٨] ، ثم قال جل وعلا:{قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً * مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنْ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}[النساء:٧٨-٧٩] المقصود بالحسنة في هذا: مثل نزول المطر، وكثرة الخير من النعم، ووجود الولد، أما المصيبة: فمثل الجدب وموت الولد وذهاب المال هذا هو المقصود بها، وكان الكفار يتشاءمون بالأنبياء فإذا أصيبوا بخير قالوا: هذه النعم من الله، وإذا جاءهم شر قالوا: هذه بشؤم محمد يتطيرون به، فقال الله جل وعلا:(قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) يعني: التقدير والجزاء والخلق والإيجاد كله من عند الله، مع أنها تابعة لأسبابها، ولهذا قال بعد ذلك:(مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنْ اللَّهِ) يعني: النعم من العافية والرزق وغيره هي من الله: (وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) يعني: بسبب نفسك؛ لأنك لا تصاب إلا بسبب ذنوبك، فليس فيه تعارض.