قال:(وهذه الدرجة من القدر يكذب بها عامة القدرية الذين سماهم النبي صلى الله عليه وسلم: (مجوس هذه الأمة)) جاءت تسميتهم في أحاديث كثيرة بأنهم مجوس هذه الأمة، وهذه الأحاديث رواها أهل السنن وغيرهم، وهي بمجموعها صحيحة، ولا يشكل بذلك قول بعضهم: إن هذا لا يصح؛ لأن وجود القدرية وقع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومثل هؤلاء يرد عليهم بالقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم يخبر بما يوحيه الله جل وعلا إليه، ونظير هذا إخباره بالمستقبلات التي ستقع وهذه منها فإنها وقعت بعده، والتسمية بأنهم مجوس؛ لأن المجوس يقولون: إن الموجودات بين اثنين: خالق للخير وخالق للشر، فإله الخير إله نوراني، وإله الشر إله ظلماني -مأخوذ من الظلمة- ولهذا السبب صاروا يعبدون النار؛ لأنها هي مصدر النور -على حد زعمهم- فصاروا يعبدونها، ويقولون: إن النور هو الذي يخلق الخير، والشر تخلقه الظلمة، ويجعلون خالق الخير غالباً لخالق الشر، هذه ديانة المجوس، وهؤلاء قالوا: إن الأفعال التي تصدر من العقلاء هم الذين يخلقونها، وأما ما عدا ذلك فالله يخلقه، وهذا هو وجه الشبه بينهم، وكونهم من هذه الأمة يعني: أنهم ممن استجاب للرسول صلى الله عليه سلم في العموم، ولكنهم ضلوا.