للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فضل أبي بكر رضي الله عنه]

قوله: (ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره، من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر) رضي الله عنه) ، هذا ذكره لأن علي بن أبي طالب اُتخذ ذريعة يُرمى من خلفه صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم بكل باطل، بل بالكفر والضلال، فذكر أنه ثبت عنه من أكثر من ثمانين وجهاً بعضها في الصحيحين وبعضها في كتب العلماء من المسانيد والسنن -أنه قال: (خير هذه الأمة أبو بكر ثم عمر) ، وفي بعضها: (ولو شئت لقلت الثالث، فقيل له: أنت؟ فقال: ما أنا إلا رجل من المسلمين) .

هذا ثابت عنه رضي الله عنه.

وهناك نصوص كثيرة ثابتة في الصحيحين وغيرهما: أن أبا بكر هو أفضل الأمة، وهو أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا ثبت من طرق متعددة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن الله اتخذني خليلاً) .

وكذلك ما ثبت في صحيح مسلم عن عمرو بن العاص أنه سأل رسول صلى الله عليه وسلم فقال له: (يا رسول الله! أي الناس أحب إليك؟ فقال: عائشة.

فقال: من الرجال؟ قال: أبوها) ، والأحاديث في تفضيل أبي بكر وتقديمه كثيرة جداً، والله جل وعلا ذكر في كتابه أنه صاحب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ} [التوبة:٤٠] ، فهو صاحبه في الغار، وصاحبه في الهجرة، وصاحبه الذي لازمه منذ آمن به إلى أن فارق الدنيا، وكثيراً ما كان يقول صلى الله عليه وسلم: خرجت أنا وأبو بكر وعمر، وأتيت أنا وأبو بكر وعمر، وفعلت كذا أنا وأبو بكر وعمر.

وقد جاء أنه صلى الله عليه وسلم كان يحدث أصحابه، فقال: (إن رجلاً كان يسوق بقرة، وبينما هو كذلك إذ ركبها، فالتفتت إليه وقالت: إنا لم نخلق لهذا، وإنما خلقنا للحرث.

فقالوا: سبحان الله! بقرة تتكلم؟! فقال صلى الله عليه وسلم: آمنت به أنا وأبو بكر وعمر) ، ولم يكن أبو بكر وعمر عنده يومئذٍ.

ومرة كان يحدث صلى الله عليه وسلم فقال في حديثه: (بينما رجل كان مع غنمه إذ عدا عليه ذئب فأخذ شاة، فافتكها منه راعي الغنم، فأقعى الذئب على ذنبه، ثم قال: من لها يوم لا يكون لها راعٍ إلا أنا؟! فقالوا: سبحان الله! ذئب يتكلم؟! قال: آمنت به أنا وأبو بكر وعمر، ولم يكن أبو بكر وعمر يومئذٍ في المجلس) ، في أشياء كثيرة تدل على أن أبا بكر هو أفضل الصحابة، وكذلك يليه عمر في الفضل.

يقول أنس رضي الله عنه كما في البخاري: (إن أعلمنا برسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر) ، لهذا يقول السمعاني رحمه الله: أجمع من يُعتد بإجماعه من الأئمة أن أعلم الصحابة أبو بكر ثم عمر.

فهو أفضلهم وأعلمهم، وهو أحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا جاء في أحاديث كثيرة ثابتة.

أما الخلافة فهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا شيء خاص به، أي: كونه خليفة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا كانت مدته شبيهة بمدة النبوة في زمن النبوة، ولم يقع فيها أي اختلاف وأي إشكال سوى الردة، ولما توفي بعدما أمضى سنتين خليفة وأوصى إلى عمر رضي الله عنه تغير الاسم، فقيل: عمر أمير المؤمنين؛ لأنه لما قيل له: خليفة خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال هذا شيء طويل، ولكن قولوا: أمير المؤمنين.

<<  <  ج: ص:  >  >>