المذهب الثالث: مذهب أهل السنة والحق، وهو: أن مسمى الكلام يدخل فيه المعنى واللفظ، وأن كلام الله كلام حقيقي يتكلم متى شاء إذا شاء، ويكلم من يشاء، ولم يزل متكلماً بما يشاء، ولم يكن في وقت من الأوقات لا يستطيع الكلام ثم حدث له الكلام تعالى وتقدس، بل يتكلم بما يشاء في الأزل، وجنس كلامه تعالى ونوعه أزلي؛ لأنه من صفاته الأزلية، أما أفراده فهي تتجدد وتحدث بعد أن لم تكن بمعنى: أنه إذا شاء أن يكلم أحداً كلمه كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحدث من أمره ما يشاء، ومما أحدث ألا تتكلموا في الصلاة) ، ويقول جل وعلا:{لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}[الطلاق:١] ، فحدث الله هو أمره وقوله وفعله، وهذا لا حصر له، وهذا هو القول الحق الذي يجب أن يعتقد، ولا فرق بين كتاب الله وقول الله والقرآن والنزول، وإذا شاء الله جل وعلا أن يبدله بدله بالنسخ ورفع بعضه وأنزل غيره، والقرآن يمكن تحريفه من قبل المحرفين ولكن الله تولى حفظ هذا القرآن بنفسه، فأصبح محفوظاً لا يستطيع أحد أن يبدله، وإلا فقد بدلت التوراة والإنجيل، وكونه يجوز عليه التبديل يدل على أنه غير مخلوق؛ لأن خلق الله لا يبدل.