ومن العجيب فعل أهل البدع المعتزلة أنهم في قوله جل وعلا:{وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[المائدة:١٢٠] ، وما أشبه ذلك، يخرجون من ذلك أفعال العباد الاختيارية التي يفعلونها، فيقولون: إن الله لا يقدر عليها -تعالى الله عن قولهم- وهذا نوع من الكفر، ثم إنهم يدخلون فيها كلام الله فيجعلونه مخلوقاً، وهذا من الأدلة الواضحة على أن أصحاب البدع يتبعون أهواءهم، ولا يتبعون الأدلة، فأخرجوا من العموم بعض المخلوقات التي هي أفعال العباد، وأدخلوا فيه ما هو وصف لله جل وعلا، وهو كلامه تعالى وتقدس؛ لأن الكلام صفة.
وسيأتي أن ما يضاف إلى الله لا يخلو إما أن يكون صفة وإما أن يكون مخلوقاً، فهو إما من إضافة مخلوق إلى خالقه أو من إضافة صفة إلى موصوف، فإن كان معنىً لا يقوم بنفسه كالقول والعلم والحياة والقدرة والسمع والبصر والإرادة فهو صفة، وإن كان شيئاً قائماً بنفسه؛ كناقة الله وبيت الله ورسول الله وعبد الله وما أشبه ذلك، فهو من إضافة المخلوق إلى خالقه، وهذه الإضافة تدل على التشريف والإكرام.
فقوله:{وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[المائدة:١٢٠] على عمومه، فلا يخرج عن قدرة الله شيء.