[ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع من فضائل الصحابة ومراتبهم]
أما فضائلهم فكما عرفنا كثيرة جداً في كتاب الله وفي أحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد ألف الإمام أحمد كتاباً سماه (فضائل الصحابة) وهو موجود، وكتب في ذلك سائر الأئمة في ضمن كتبهم، فلا تجد كتاباً من كتب السنة إلا وفيه كتاب في ذكر فضائل الصحابة ومراتبهم، فهي منتشرة وظاهرة وجلية، مع ما في كتاب الله من ذلك.
وأما مراتبهم التي أنزلهم الله جل وعلا إياها فهي تختلف، وفيهم من هو مقدم ومفضل، وفيهم من هو متوسط في الفضل، وفيهم من هو دون المتوسط، ولكن ليس فيهم دني، فكلهم له الفضل والخير والجزاء عند الله، ولهذا قيل لأحد العلماء الأئمة من السلف: أيهما أفضل معاوية بن أبي سفيان أو عمر بن عبد العزيز؟ فقال: غبار في منخر معاوية بن أبي سفيان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من عمر بن عبد العزيز؛ لأنه لا يجوز أن يفضل أحد من التابعين وأتباع التابعين على الصحابة.
أما ما يذكره بعض الناس من الحديث الذي فيه الأمر بالصبر والقبض على الدين، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم:(أمامكم أيام الصبر، القابض فيها على دينه كالقابض على الجمر، له فيها أجر خمسين، قالوا: أجر خمسين منا أو منهم؟ فقال: منكم) ، فهذا لا يلزم منه أن يكون العامل هذا أفضل منهم وإن كان له هذا الأجر؛ لأن الصحابة الذين أسلموا بعد الفتح الذي ينفق منهم مثل أحد ذهباً في سبيل الله لا يبلغ نصف مد واحدٍ ممن أسلم قبل الفتح، فكيف يكون ذلك فيمن يأتي بعد الصحابة مطلقاً؟! وفي الصحيحين من حديث عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونه) .