الروافض يتبرأ أهل السنة من طريقتهم، والرفض معناه الترك، والروافض: هم الذين يبغضون صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويشتمونهم، ويرون أنهم على ضلالة، وأنهم إما أنهم ارتدوا أو أنهم تعمدوا الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم والتبديل والتغيير، وكل قولهم مبني على الكذب الذي كذبه عليهم الزنادقة، وأرادوا بذلك تغيير الدين الإسلامي، فلهذا يقول أبو زرعة وغيره من العلماء: إذا رأيت الإنسان يتكلم في صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق؛ لأن الله حق، والرسول حق، والإسلام حق، والصحابة رضوان الله عليهم هم الواسطة بين الأمة وبين الرسول صلى الله عليه وسلم الذين نقلوا الدين إلى الأمة، فإذا ثبت القدح فيهم فمعنى ذلك أن القدح يكون في الدين الإسلامي وفي الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقوله: الذين يبغضون الصحابة، جعل هذا وصفهم، فوصف الروافض أنهم يبغضون الصحابة، فكل من أبغض الصحابة فهو منهم، سواء كان بالعموم أو بالخصوص، وسبق أن أفضل الصحابة أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، ثم بقية العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، ثم أهل بدر، ثم أهل بيعة الرضوان، ثم بقية الصحابة على هذا الترتيب، هذا هو مذهب أهل السنة في بيان مراتب فضلهم.
وسبق أن من العلماء من قال: إن صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم كلهم في الجنة؛ لقول الله جل وعلا:{وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}[النساء:٩٥] .
أما الخصوص فقد جاء في الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:(إن الله قال لأهل بدر: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) ، وثبت في سنن أبي داود والترمذي ومسند الإمام أحمد أنه صلى الله عليه وسلم قال:(لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة) ، واستثنى صاحب الجمل الأحمر فقال:(إلا صاحب الجمل الأحمر) ، وصاحب الجمل الأحمر هو الجد بن قيس، وكان منافقاً، وبينما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يبايع الصحابة كان مختفياً تحت جمله حتى لا يبايع، فلم يبايع.
فالرافضة هم الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم، والبغض والسب من سماتهم وأوصافهم.
فكل من كان مبغضاً للصحابة أو ساباً لهم فإنه رافضي، وفرق بين الرافضي وبين الشيعي، فالشيعة القدامى لم يخرجوا عن أهل السنة، وهم الذين اختلفوا في أيهما أفضل: علي أو عثمان، فقدموا علياً على عثمان، أما أبو بكر وعمر فلم يختلف الشيعة القدامى الذين هم شيعة علي رضي الله عنه في تقديمهما؛ ولهذا لما كلم شريك بن عبد الله في هذا -وكان من الشيعة- قيل له: تقدم أبا بكر وعمر على علي وأنت من شيعته؟ قال: من لم يقدمهما عليه فليس بشيعي، وقد سمعناه مراراً وتكراراً يقول: أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر، والله ما كذب ولا كان أهلاً للكذب.
أما الرفض فإنه كان بعد ذلك حينما خرج زيد بن علي على هشام بن عبد الملك، وتبعه جماعات كثيرة من الشيعة، فسألوه وقالوا: ما قولك في أبي بكر وعمر؟ فقال: هما وزيرا جدي، وترضى عنهما، فعند ذلك تركوه ورفضوه، فقال: رفضتموني، فسموا الرافضة من ذلك الوقت، وأتباعه سموا الزيدية.