للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أقسام الأخبار التي جاءت في خلاف الصحابة فيما بينهم]

ومن طريقة أهل السنة والجماعة: أنهم يتميزون عن غيرهم من أهل البدع والضلال وأهل الانحراف، في موقفهم مما حدث بين صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم في زمن الفتن التي أخبر بها الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقولون الأمور التي جرت بين الصحابة ثلاثة أقسام: القسم الأول: رواه أهل الكذب مثل أبو مخنف، ومثل الكلبي وأمثالهم الذين يذكرون الأخبار ويزيدون فيها، وهذا لا يجوز تصديقه، لأن رواته كذبة عرفوا بالكذب.

القسم الثاني: مزيد فيه عن الواقع أو منقوص منه، وهذا يجب أن يمحص وينظر فيه على أصول أهل السنة، فما كان فيه من زيادة فتنفى، وما كان فيه من نقص فإنه يثبت النقص حتى يأتي على وجهه.

القسم الثالث: الثابت عنهم، ولهم فيه أعذار، وهم مجتهدون فيه، فهم لا يخلون إما أن يكونوا لهم فيه أجران لأنهم أصابوا، أو أن لهم أجراً واحداً على اجتهادهم وخطؤهم مغفور.

هذا هو قول أهل السنة، ولا يطلقون ألسنتهم فيهم، بل يكرهون الخوض في ذلك أشد الكراهة، ويقولون: لا يجوز أن يخاض في الأمور التي جرت؛ لأنها لا تخلو من هذه الأشياء، وأكثر الناس لا يميز بين الحق والباطل، فإذا قرأها لا يكاد يسلم من الإحن ومن الحقد ومن الأمور الباطلة؛ لأن هذه أوجدها أعداء الله، ولهذا يقول الإمام أبو زرعة: إذا رأيت الإنسان يقع في صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق.

وذلك أن الله حق، وكتابه حق، والرسول حق، والرسول صلى الله عليه وسلم جاء بالكتاب وجاء بالوحي فتلقاه عنه صحابته، فهم الذين بلغوه عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والطاعن فيهم يريد أن يطعن في الإسلام، فيطعن فيهم لأنهم هم الواسطة بين الأمة وبين نبيهم صلى الله عليه وسلم، فيجب أن يُحذر ويُعلم ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>