قوله:(فهذا التقدير قد كان ينكره غلاة القدرية قديماً، ومنكره اليوم قليل) يقصد بهذا: أن العلم والكتابة هما أول ما أنكره غلاة القدرية في باب القدر، وهذا كفر بلا خلاف، ومن فعل ذلك فهو كافر، وإنكار القدر بدأ في آخر عهد الصحابة، وأول من عرف بالقول به معبد الجهني فقتل على ذلك كافراً؛ لأنه أنكر علم الله وأنكر كتابته وتبرأ منه الصحابة كما في صحيح مسلم أن عبد الله بن عمر قال:(والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفقه في سبيل الله لم يقبل الله جل وعلا منه شيئاً حتى يؤمن بالقدر خيره وشره) ، ثم استدل على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم:(الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره) والأدلة في هذا كثيرة، وهكذا قال ابن عباس وغيره من الصحابة الذين أدركوا هذه البدعة الكفرية، والواقع أن معبد الجهني ليس هو أول من قال بالقدرة، بل هذا من الأمور التي تبنتها الماسونية من اليهود والمجوس؛ لأنهم لما رأوا انتصار المسلمين واجتماعهم على العقيدة ورأوا أن مواجهتهم بالقوة غير ممكنة، عملوا على إفساد العقائد، فصار هذا من نتائجها، وكذلك القول بنفي الصفات وغيرها، كلها من آثار تلك المؤامرة، ولا تزال هذه المؤامرات تعمل عملها, ولكن لها لبوس في كل وقت، ولها فنون، ولها رجال ولها دول وهذا شيء معروف يعرفه العقلاء.