هذه الكلمة باطلة، فلا يجوز أن تقول: الإنسان مسير ولا مخير، فالإنسان لا مسير ولا مخير؛ لأنه إذا قال إنه مسير، فمعنى ذلك أنه يجبره، وإذا قال: مخير، معنى ذلك أنه يفعل باختياره، وهذا قول القدرية، وأنه لا دخل لتقدير الله، فالإنسان جعل الله له حداً ومقدرة، خلق فيه إرادة وقدرة على الفعل، وجعل ذلك إليه، ثم مشيئة الله جل وعلا من وراء هذا، فلا يفعل شيئاً إلا بمشيئة الله:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}[الإنسان:٣٠] ، وإذا أراد جل وعلا تزيين الإيمان في قلب الإنسان وحسنه كره إليه الردة، فأقبل عليه وأحبه، فهذا فضل الله، أما إذا منعه من ذلك فإنه يكله إلى نفسه، ونفسه قد يكون الباطل عندها أحسن، فيتبع الباطل فيهلك.
ولابد للإنسان أن يسأل ربه وأن يعلم فقره وضعفه، وأنه إذا لم يكن له من ربه عون فإنه هالك لابد، أما أن يعتز بنفسه يقول: أنا الذي أفعل، أنا أؤمن بقوتي ومقدرتي واستطاعتي، وليس لله علي فضل، كما يقوله هؤلاء الضلال، فإنه خليقٌ بأن يضله الله جل وعلا، ويكله إلى نفسه، فلا يستطيع أن يتحصل على شيء من السعادة.