قوله:(ويقدمون هدي محمد صلى الله عليه وسلم على هدي كل أحد) .
الهدي هنا يشمل القول ويشمل العمل، ومعنى ذلك: أن كل ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الواجب هو الأخذ به؛ لأن هذا مقتضى الإيمان، وبهذا فسر العلماء شهادة أن محمداً رسول الله؛ لأن معنى شهادة أن محمداً رسول الله: العلم بأنه رسول من عند الله، وطاعته فيما أمر به، والانتهاء عما نهى عنه، وعبادة الله جل وعلا بشرعه الذي جاء به من عند الله، هذا هو معنى شهادة أن محمداً رسول الله.
قوله:(ولهذا سموا أهل الكتاب والسنة) أي: لأنهم يتمسكون بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عقيدة وعملاً وسلوكاً ومعاملات.
وقوله:(وسموا أهل الجماعة؛ لأن الجماعة هي الاجتماع) ، أي: الاجتماع على الحق.
قوله:(وضدها الفرقة) ، فأهل الفرقة هم أهل البدع، وأهل الجماعة هم الذين يتمسكون بالكتاب والسنة، ولا ينافي ذلك أن يكون بينهم اختلاف في فهم النصوص العملية، ولابد أن يحدث بينهم اختلاف ونزاع في ذلك، ولكن هذا لا يدعوهم إلى انفصام الأخوة والمودة والمحبة، بل يتمسكون بالأخوة الإيمانية، والمودة والمحبة التي جاء بها الشرع، ويجعلون كل واحد معذوراً في فهمه، إلا أن يتبين أن الحق في خلاف قوله، فإن تبين ذلك رد عليه قوله، ومع ذلك لا ينزع منه الولاء ويجعل مكانه البراء والمعاداة، حتى يتبين أنه مشاق لله ولرسوله ومفارق لسبيل المؤمنين.
وأهل البدعة بخلاف ذلك، فمن علاماتهم التفرق، ومن علاماتهم التكفير، فمن خالفهم كفروه ورموه بالعظائم، أما أهل السنة فالذي يخالفهم ويكون له وجه عذر ولو من بعيد يسمونه ضالاً، ولا يكفرونه حتى يترك ما يكون بتركه كفر، أو يفعل ما يكون فعله كفراً.
قال:(وإن كان لفظ الجماعة قد صار اسماً لنفس القوم المجتمعين) ، يقصد أن هذا الاصطلاح الذي حدث ليس هو المقصود بالأحاديث التي جاءت في لزوم الجماعة، فإن الأحاديث التي جاءت في الأمر بلزوم الجماعة -وكذلك الآيات- يقصد بها لزوم الحق وإن كان الذي على الحق واحداً، فيكون هذا المراد بالجماعة.