لما ذكر الشيخ رحمه الله الأسماء والصفات من القرآن على شبه قواعد وكليات، أراد أن يذكر شيئاً من ذلك من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أن أهل العلم متفقون على أن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم أصل يثبت به كل ما يثبت بالقرآن من عقائد وأحكام وغيرها، وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول الرجل: ما جاء في كتاب الله آمنا به وأخذنا به، وما لا فلا، وأخبر أنه أوتي الكتاب ومثله معه، وأخبر أن ما يبلغه من سنته مثل ما جاء به كتاب الله جل وعلا، كلاهما أتى به جبريل صلى الله عليه وسلم إلى محمد صلى الله عليه وسلم؛ لإبلاغ الناس، فالذي يرد السنة يكون ممن آمن ببعض وكفر ببعض، وهؤلاء يقول الله جل وعلا فيهم:{أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا}[النساء:١٥١] والناس تجاه السنة ثلاثة أقسام: قسم ردوها، فهؤلاء الكلام معهم مفروغ منه؛ لأن من فعل ذلك عرف.
وقسم تأولوها تأويلات تخرجها إلى التحريف والإلحاد، وليس تأويل القابل لها، المؤمن بها، وهؤلاء يلتحقون بالقسم الأول، وقد يكونون أشر من القسم الأول؛ لأنه قد يخفى أمرهم على بعض الناس، فيكون ضررهم أعظم.
قسم ثالث: هم الذين قبلوها قبول انقياد واستسلام، وتصديق وإيمان، وهؤلاء هم الذين انتفعوا بها، فانتفعوا بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم حقاً، والقسمان الأولان لا يخرجان من الدين الإسلامي، ولا يقال: إنهما كفار خرجوا من الدين الإسلامي، ولكنهم من أهل الوعيد، الذين توعدهم الله جل وعلا، فإن شاء أمضى وعيده، وإن شاء فعل ما يشاء؛ لأن العباد كلهم عباده، يتصرف فيهم كيف يشاء جل وعلا وسبق أن ذكر المؤلف حديث النزول، وقد أوجد حوله كثير من الناس إشكالات كثيرة، والسبب في الإشكالات عدم الإيمان به على الوجه المطلوب؛ لأنه صفة من صفات الله، إن كان فعلاً فهو من صفات الأفعال التي تتعلق بمشيئته.