سبق أن ذكرنا مسألة المحرمات، وقلنا: إنها رتبت على أربع مراتب، بدأ الله بأسهلها، ثم ثنى بما هو أعظم، ثم ثلث بما هو أعظم، ثم ربع بما هو أعظم، والثالث: هو الشرك، والرابع: هو القول على الله بلا علم، فيكون القول على الله بلا علم أعظم من الشرك، فما هو السبب في هذا؟
الجواب
أن القول على الله بغير علم يتضمن الشرك وزيادة، وقلنا: إن المؤلف أراد بهذا أن القول على الله في صفاته وفي أفعاله في خلقه وفي شرعه يتضمن الشرك وزيادة، فهو أعظم من الشرك، أما كونه يتضمن الشرك فلأن الذي يقول على الله بخلاف صفاته يكون معطلاً ما وصف به نفسه، ومن عطله فقد ألحقه بالناقصات، فيكون ممثلاً له من هذه الناحية، وهذا شرك لكونه شبه الله جل وعلا بالمخلوقات.
وأما في أفعاله فكذلك لكونه يلحقه بالمخلوقين مشابهاً لهم؛ ولهذا يقول أهل العلم: إن الجهمية والمعتزلة لا ينفكون عن الشرك، ووقوعهم في الشرك كثير، حتى أحياناً في الأمور الظاهرة الجلية، مثلاً يقول أحدهم إذا نفى كلام الله: إن الذي يتكلم ملك في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله ينزل إلى السماء الدنيا إذا بقي ثلث الليل الأخير، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟) يقولون: هو ملك، أي: المنادي، فنقول: هل الملك يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يستغفرني فأغفر له؟ هل الملك يغفر؟! تعالى الله عن ذلك.
وكذلك كثير من أقوالهم مثل هذا، وهذا مما يبين أن القول على الله بلا علم يتضمن الشرك وإبطال الشرع، ومن هنا كان القول على الله بلا علم أعظم من الشرك، فهو أعظم المحرمات، وليس ذلك غريباً، فقد استغرب بعض الناس كيف يكون القول على الله بلا علم أعظم من الشرك، والله جل وعلا أخبر أنه لا يغفر أن يشرك به قال:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء:٤٨] ؟! والجواب ما سمعتم.