وتدل الآية على أن الجن مكلفون، ومقتضى ذلك أنهم يجزون على الإحسان إحساناً، وعلى الإساءة إساءة، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجتمع بالجن، فيأتون إليه، أو يذهب إليهم ويجتمع بهم ويقرأ عليهم القرآن، ويأمرهم وينهاهم، ثم يذهبون إلى قومهم منذرين، كما قال الله جل وعلا:{وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى}[الأحقاف:٢٩-٣٠] إلى آخر الآيات، وكذلك قوله جل وعلا:{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا}[الجن:١]{يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا}[الجن:٢] ، إلى آخر السورة، وكذلك قوله جل وعلا:{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ}[الأنعام:١٣٠] ، في عدد من الآيات.
ولا ينكر وجود الجن إلا الزنادقة، والذي ينكرهم يكون كافراً بالله جل وعلا، وإنما بعض الناس ينكر أن يلابس الجني الإنسي، وهذا أيضاً لا دليل على إنكاره، ولا يجوز إنكار ذلك؛ لثبوته بالأدلة وبالواقع.