أما الطائفة الثانية التي قالت: لو كانت الأفعال واقعة بمشيئة الله وبخلقه لكان معذباً للناس بغير فعلهم، ويكون ذلك ظلماً؟! والجواب عن هذا أن يقال: أولاً: ألستم تقرون بأن الله خالقكم؟ فهنا لابد أن يقولوا: نعم إن الله خلقنا، فإذا أقروا بأن الله خالقهم، نقول: هل فيكم جزء من الأجزاء لم يكن خلقاً لله، يعني: هل أنتم الذين خلقتم الرأس أو اليد، أو الرجل، أو القلب، أو شيئاً من الأعضاء؟! أو أن الخلق كله من الله؟! فلابد أن يقروا بهذا، فيقال: لا فرق بين هذه وبين الصفات، يعني: القدرة والإرادة التي في الإنسان هل الإنسان خلقها؟ لا يمكن أن يقال: إن الإنسان هو الذي خلق القدرة والإرادة؛ لأنه لو كان هو الذي يخلق قدرته فلن يرضى أن يكون فلان أنشط منه وأقوى منه وأقدر منه، ولكن القدرة التي فيه والاستطاعة مخلوقة لله، وكذلك الإرادة، وبالقدرة والإرادة يوجد الفعل، فإذا وجد الفعل بالقدرة والإرادة قلنا: إنه مخلوق لله جل وعلا، فالله خلق القدرة والإرادة في الناس، ثم أمرهم بالشيء الذي يستطيعون فعله بهذه القدرة وبالإرادة فكانت أفعالهم واقعة بقدرتهم وإرادتهم وباختيارهم، وهذا أمر واضح جلي، وبهذا يتبين أنهم ضلوا في ذلك؛ لأنهم اتبعوا أهواءهم.