[وسطية الفرقة الناجية بين الحرورية والمعتزلة وبين المرجئة والجهمية]
قوله:(وفي باب أسماء الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة وبين المرجئة والجهمية) : أسماء الإيمان والدين: الإسلام، الإيمان، الإحسان، البر، الصلاة، الصوم، التقوى، وما أشبه ذلك، هذه أسماء شرعية ولها معانيها، وأهل السنة آمنوا بها، وأخذوها على مدلوها، ولكن المعتزلة والحرورية الذين هم الخوارج، وسموا حرورية نسبةً لحروراء، القرية التي كانوا فيها لما خرجوا على علي بن أبي طالب، وقاتلهم فيها وقتلهم، فنسبوا إليها.
فالإيمان عندهم قولٌ وعمل وعقيدة، ولكنه لا يزيد ولا ينقص، وعندهم أن الإنسان إذا ترك واجباً فإنه يكون خارجاً من الدين.
ثم الخلاف الذي سبق أن المعتزلة لا يدخلونه في الكفر، والخوارج يدخلونه في الكفر ويخرجونه من الدين، أما المعتزلة فهم يقولون: لا مؤمن ولا كافر، بل هو في منزلة بين الإيمان والكفر.
أما أهل الحق فهم يقولون: هو مؤمن ناقص الإيمان، أو يقولون: مؤمن بإيمانه، فاسقٌ بكبيرته، لا يعطونه الإيمان الكامل، ولا يسلبونه الإيمان، بل يقولون: معه أصل الإيمان ولكن إيمانه ناقص، وعندهم أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فهذا معنى قوله:(إنهم وسطٌ بين هؤلاء وهؤلاء) .
وأما المرجئة فعندهم الإيمان شيءٌ واحد لا يتفاوت، بل إيمان أفسق الناس مثل إيمان جبريل بلا فرق، وإيمان أهل السماء وأهل الأرض عندهم سواء، لا تفاوت بينهم في الإيمان، وهو عندهم شيءٌ واحد لا يقبل التفاوت، ولا يكون زائداً ولا ناقصاً، وأخرجوا من الإيمان جميع الأعمال، فهي لا تدخل في الإيمان.