يقول المصنف رحمه الله: [وكل هذا الكلام الذي ذكره الله من أنه فوق العرش، وأنه معنا حق على حقيقته لا يحتاج إلى تحريف ولكن يصان عن الظنون الكاذبة: مثل أن يظن أن ظاهر قوله: (في السماء) أن السماء تقله أو تظله، وهذا باطل بإجماع أهل العلم والإيمان، فإن الله قد:{وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ}[البقرة:٢٥٥] وهو {يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا}[فاطر:٤١] ، {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ}[الحج:٦٥] ، {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ}[الروم:٢٥] .
فصل: وقد دخل في ذلك الإيمان بأنه قريب مجيب كما جمع بين ذلك في قوله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي}[البقرة:١٨٦] وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته) ، وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته فإنه سبحانه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:١١] في جميع نعوته وهو عليٌّ في دنوه قريب في علوه] .
العلو لله جل وعلا لا ينافي المعية؛ ولهذا جمع الله جل وعلا بين ذلك في آية واحدة كما سبق، وهو أنه تعالى يقول:(هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فجمع بين علوه واستوائه على عرشه وبين كونه معنا؛ ولهذا يقول الشيخ رحمه الله: كل هذا الكلام على ظاهره وعلى حقيقته ولا يجوز أن يحرف، ومقصوده بالتحريف: التأويل الباطل الذي سلكه أهل الكلام.