قوله:(أنت رب الطيبين) ، هذه ربوبية خاصة، فهذا توسل آخر غير التوسل الأول، أولاً: توسل بالربوبية العامة المطلقة التي تعم كل شيء، ثم توسل بالربوبية الخاصة التي هي ربوبيته جل وعلا للطيبين من الملائكة والرسل والمؤمنين، ووجه ذلك: أن تربيته جل وعلا لرسله وعباده المؤمنين أخص من تربيته لسائر الخلق، حيث أنعم عليهم بالهداية، وبمعرفته وطاعته، فصارت ربوبيته لهم أخص وأكمل، فهذا يدلنا على أن الربوبية تنقسم إلى قسمين: ربوبية عامة تشمل الخلق كلهم، وربوبية خاصة تكون للملائكة والرسل والمؤمنين المطيعين.
وقوله:(أنزل رحمة من رحمتك) ، هذا عام، كل ما يمن به جل وعلا على خلقه فهو من رحمته وهو أثرها، ثم خص وقال:(وشفاءً من شفائك) الشفاء عام يكون للوجع والمرض، ويكون لما في الصدور من الشبهات والشهوات وغيرها، (وشفاءً من شفائك على هذا الوجِع) ، هكذا جاء بكسر الجيم، يعني: هذا المريض، وجاء:(فيبرأ بإذن الله) يعني: إذا توسل بهذا الدعاء صادقاً مخلصاً فإنه يبرأ بإذن الله، وقد جاء في هذا الحديث أن عبادة بن الصامت شكى إليه رجل وقال: إن أبي أصيب بحبس البول، وإنه يألم ألماً شديداً، فأمره أن يرقيه بهذا الدعاء، فبرأ وشفي من ذلك.