أما زيادة الإيمان ونقصه فأمره واضح أيضاً، وأدلته كثيرة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والأدلة على زيادة الإيمان جاءت منصوصاً عليها في آيات متعددة، أما النقص فقد توقف فيه من توقف من أهل السنة لعدم النص عليه من الكتاب، ولكن الواقع أنه منصوص عليه في آيات متعددة، منها قوله جل وعلا:{وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ}[التوبة:١٢٤-١٢٥] فالذي تزيده رجساً إلى رجسه هذا فيه نقص الإيمان.
وكذلك قوله جل وعلا:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا}[المائدة:٣] ، فمعلوم أن هذه الآية نزلت في يوم عرفة في حجة الوداع، وقد استدل البخاري بهذه الآية على أن الإيمان ينقص.
ووجه الاستدلال بها: أن الذي يقبل الزيادة يقبل النقص، وأن الدين قبل أن يتم كان ناقصاً، ولا يلزم من هذا أن الذين توفوا قبل ذلك اليوم كان إيمانهم ناقصاً، بل كان إيمانهم كاملاً؛ لأن هذا هو الذي يجب عليهم.
ومن المعلوم أن المرجئة أنفسهم يقرون بزيادة الإيمان، بمعنى: أنه إذا جاء شيء من الأوامر أو النواهي والتزم بها فإن الإنسان يزداد إيمانه بذلك، ولكن الخلاف في نفس التصديق الذي يكون في القلب هل يكون فيه زيادة ونقص أو لا؟ والصواب: أنه يزيد وينقص، فالتصديق الذي يكون في القلب -إذا سُلِّم بأن الإيمان هو التصديق- فإنه يزيد وينقص؛ لأن تصديق بعض الناس ليس كتصديق بعض، فبعض الناس لو شُكِكَ ولُبس عليه لشك، وبعضهم لا يقبل الشك؛ بل يكون تصديقه يقينياً، والعمل يتبع ذلك، فبعض الناس يقوم بالعمل ويأتي به على الوجه المطلوب حسب استطاعته، وبعض الناس قد يخل به، وقد يتساهل.