قوله:(بل هم الوسط في فرق الأمة، كما أن الأمة هي الوسط في الأمم) ، الوسط يقصد به: الخيار، ويقصد به: العدل والتوسط في الشيء، وأهل السنة وسط في الفرق، يعني: أنهم لم يجفوا ولم يغلوا، بل جانبوا الغلو الذي هو زيادة الإثبات على الحق، وكذلك الجفاء الذي هو النفي وعدم الإيمان والقبول، فهم وسط في الفرق، كما أن هذه الأمة وسط في الأمم السابقة، كما أخبر الله جل وعلا أنه جعلهم أمة وسطاً، يعني: عدولاً وخياراً، فهم وسط بين الذين جفوا في الأنبياء فقتلوا بعضهم كاليهود، والذين ألحقوا الأنبياء بالرب جل وعلا وجعلوهم آلهة كالنصارى، وهم وسط كذلك في الأفعال التي أمروا بها بين هؤلاء وهؤلاء، فأولئك اليهود عندهم الغلظة والجفاء، والنصارى عندهم من ذلك؛ فإنهم يجعلون قول الحواريين كقول الأنبياء، وأما اليهود فيردون الحق إذا لم يكن على هواهم ومقصدهم، وإن قال به من قال، وكذا أهل السنة هم وسط في باب صفات الله سبحانه وتعالى بين أهل التعطيل الجهمية، وأهل التمثيل المشبهة.