وقوله:(ويقدمون المهاجرين على الأنصار) يعني: في الفضل وفي المرتبة؛ لأن المهاجرين هم الذين قُدموا في كتاب الله جل وعلا كما قال تعالى:{وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ}[التوبة:١٠٠] ، وجاء في نصوص كثيرة أن المهاجرين يقدمون على الأنصار، وذلك لأنهم تركوا بلادهم وأموالهم وأهليهم في سبيل إعزاز دين الله، وفراراً بدينهم اعتياضاً بالدين عن الدنيا بأكملها.
والهجرة في اللغة هي: الترك، يقال: هجره إذا تركه، والمقصود بها في الشرع: ترك بلاد الشرك انتقالاً منه إلى بلاد الإسلام، أو ترك البلاد التي تفشو فيها البدع وتكثر إلى البلد الذي فيه السنة، والهجرة باقية إلى أن تطلع الشمس من مغربها؛ كما جاء في الحديث:(الهجرة باقية ما قوتل العدو) ، والعدو جاء أنه يقاتل، وأن هذه الأمة يبقى فيها طائفة على الحق منصورة إلى قيام الساعة.
أما قوله صلى الله عليه وسلم:(لا هجرة بعد الفتح) فمعنى ذلك: من مكة؛ لأن مكة صارت دار إسلام، وبهذا استدل بعض العلماء على أنها تبقى دار إسلام إلى قيام الساعة؛ لقوله:(لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية) ، وهذا استنباط من الحديث.