قال: [وقوله صلى الله عليه وسلم: (عجب ربنا من قنوط عباده وقرب خيره) وفي رواية: (ينظر إليكم أزلين قنطين، فيظل يضحك يعلم أن فرجكم قريب) حديث حسن، رواه أبو داود وغيره] .
المقصود هنا: إثبات العجب لله جل وعلا، وأنه يعجب، والعجب صفة من صفاته، وقد جاء في قراءة:{بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ}[الصافات:١٢]-بضم التاء- (عجبتُ) ، فيكون المقصود: الله جل وعلا، فيكون ذلك مطابقاً لهذا الحديث، ومن توارد الأدلة، والعجب ظاهر ولا يحتاج إلى تفسير، فيجب أن يثبت لله كما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم، وكما فهمه الصحابة رضوان الله عليهم، وذكر السبب في قوله:(من قنوط) .
والقنوط هو: شدة الإياس من الشيء، وكون الإنسان ييئس من رحمة الله جل وعلا ليس له وجه لأمور: الأول: أن الله جل وعلا هو الرب، والرب هو الذي يتولى تربية عباده لمصالحهم فلا يضيعهم.
الثاني: أنه الرحمن الرحيم.
الثالث: أن فضله وخيره ملأ السموات والأرض.
الرابع: أنه جل وعلا يستجيب الداعين كما مر إلى غير ذلك من أمور كثيرة كلها تمنع من كون الإنسان يقنط، لهذا قال (عجب ربنا من قنوط عباده، وقرب غيره) ، (غيره) يعني: تغييره الحالة التي أنتم عليها إلى حال أحسن، فإنه قد علم أن مع العسر يسراً، وأنه ما اشتد أمر إلا وأعقبه الفرج قريباً؛ ولهذا كان من أمثال العرب:(اشتدي أزمة تنفرجي) ، هذا من أمثالهم، كل إنسان يقع في أزمة وفي شدة، وإذا اشتدت انفرجت، وهذه سنة الله جل وعلا في خلقه.
وأما قوله:(وقرب خيره) بالخاء فهذا أيضاً له وجه، وأن خيره قريب من عباده، وقوله:(ينظر إليكم) فيه إثبات النظر لله جل وعلا، وأنه ينظر إلى خلقه، ولا يخفى عليه شيء.
(أزلين) يعني: أنكم في حالة شدة، والأزل هو المشتد، وأمر مشتد، (ينظر إليكم أزلين) يعني: من تأخر المطر.
يعني: في شدة.
وقوله:(قنطين) يعني مستبعدين الخير، آيسين منه.
(فيظل يضحك) هنا: إثبات صفة الضحك.
(فيظل) يعني: يبقى.
وهذا يكون وقتاً دون وقت، فليس دائماً يضحك، بل يضحك إذا شاء كما أنه يعجب إذا شاء.
(يعلم أن فرجكم قريب) يعني: تغير حالكم التي أنتم عليها قريب.