ذكر المصنف في هذه العقيدة أنهم تميزوا بأنهم أهل السنة وأهل الجماعة، والسنة في اللغة هي الطريقة المسلوكة الواضحة التي لا خفاء فيها، فلا يخفى على سالك المفازة أن هذا طريق، وقد يكون طريقاً معبداً مذللاً واضحاً وطئته الأقدام، وصار لا خفاء فيه.
أما السنة المقصودة هنا فهي سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهي تطلق على معنيين: الأول: يقصد بها أقواله وأفعاله وتقريراته صلوات الله وسلامه عليه؛ وهي التي جاء بها التشريع.
والثاني: يقصد بها ما هو أعم من هذا، فكل ما قاله أو فعله وسار عليه واستمر عليه هو وأصحابه عموماً فهو سنة، وهذا هو المعنى المقصود هنا، وأهل السنة يسلكونه.
أما كونهم أهل الجماعة فلأنهم يجتمعون على الحق، ويبتعدون عن كل ما يسبب الفرقة بينهم، وإذا وجدت الفرقة والاختلاف فإنها سرعان ما تزول بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأن كتاب الله جل وعلا وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم جاءا بمحاربة الاختلاف والتفرق الذي هو من سنة الجاهلية، والله جل وعلا يقول:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا}[آل عمران:١٠٣] ، فأمر بالاعتصام، ونهى عن التفرق، فهم يمتثلون أمر الله جل وعلا، وكذلك جاءت الأحاديث الكثيرة بالأمر بالاجتماع على الحق، والحذر مما يمكن أن يكون سبباً للتفرق، وهذا كثير جداً في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذه ميزة لأهل السنة تميزوا بها عن غيرهم.