للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[استحقاق الله للحمد وبيان مرادفاته]

و (الحمد) : (أل) فيه للاستغراق، ومعناه: الإحاطة بكل حمد يستحقه الله جل وعلا.

و (الحمد) : هو الثناء على الجميل الاختياري الذي يكون قائماً بالمحمود، سواء كان في مقابل نعمة أو لم يكن، وإنما يكون لما قام به من الأوصاف والأفعال التي يحمد عليها، والحمد لله جل وعلا أولاً وآخراً، فهو يستحق الحمد لذاته ولأوصافه ولأفعاله ولخلقه ولجزائه؛ ولهذا حمد نفسه جل وعلا في مبدأ الخلق ليعلم خلقه فقال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام:١] ، وكذلك حمد نفسه في المنتهى، كما قال جل وعلا: {وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الزمر:٧٥] ، وعبر بهذه الصيغة: (وقيل الحمد لله) ليدل على أن كل مخلوق حمده جل وعلا، وأنه حمد على كل شيء حتى الجزاء، فإنه حتى أهل النار يرون أنها مكانهم الذي يستحقونه، فهو محمود أولاً وآخراً ومبدأ ومنتهى، على ما يفعله وعلى ما يقوم به ويتصف به، وعلى ما يقدره وعلى ما يجزيه عباده، فقال: (الحمد لله) لاستغراق الحمد كله، فإنه مستحقٌ لله جل وعلا في الأولى وفي الآخرة، وقد جاء هذاصريحاً في القرآن في أماكن متعددة.

والفرق بين الحمد والمدح: أن الحمد لابد أن يكون له أثر يقوم بقلب الحامد من الحب والثناء على المحمود.

أما المدح: فهو إخبار عن الأوصاف الجميلة التي تكون بالممدوح، ولا يلزم أن يكون محبوباً للمادح، فالحمد أخص من المدح.

وأما الشكر فلابد أن يكون في مقابل نعمة، ويكون باللسان وبالقلب وبالجوارح، كما قال الشاعر: أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير المحجبا يعني أن النعمة تقتضي الشكر بالأمور الثلاثة: باليد التي يقدم بها شيئاً مقابل النعمة، وبالثناء الذي يكون باللسان، وبالحب الذي يكون بالقلب وهو الضمير المحجب.

أما الرب جل وعلا فهو ينعم على عباده ولا يطلب من ذلك أن يسدوا إليه شيئاً أو يقابلوه بشيء، وإنما أن يعبدوه وحده ولا يعبدوا غيره، ونفع عبادتهم عائد عليهم، فإنه سبحانه لا ينتفع بطاعة الطائعين، كما أنه لا يتضرر بمعصية العاصين.

والشاهد من الآية التي ذكرها المصنف: أن تثبت الصفات الكاملة لله تعالى.

فقوله: (الحمد لله) ، أي: فله الكمالات في كل شيء: في فعله وفي قوله وفي وصفه الذي يتصف به جل وعلا، فهو يحمد على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>