وأما أهل البدع: -المرجئة والجهمية - فقالوا: إن الإيمان هو المعرفة، أو هو العلم، وقصروه على هذا؛ ولهذا كفرهم العلماء بهذا القول؛ لأن العلم لا يقتضي الإيمان، فإبليس عنده علم، ويعلم أن الله ربه، وأن الأوامر جاءت من الله، ومع ذلك فهو كافر، بل هو رأس الكافرين وإمامهم، وكذلك سائر الكفرة إلا قليلاً؛ لأن الله جل وعلا أيد رسله بالمعجزات، والبينات الباهرة، وإنما يكون كفرهم عن الجحود بعد العلم، ولهذا يخبر الله جل وعلا عنهم فيقول:{فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}[الأنعام:٣٣] ، فإنه صادق وهم يعرفون صدقه، ومع ذلك فهم كفرة، ومن أكبر المعاندين والكافرين.
أما فرعون فقد جاء في كتاب الله جل وعلا ما يدل على أنه مستيقن بأن موسى صادق، وأنه جاء بالحق، يقول الله:{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْألْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا}[الإسراء:١٠١] .