تقدم الكلام عن الاستواء، وأن الله جل وعلا مستوٍ على عرشه، ثم أتبعه الكلام في علو الله جل وعلا، ثم أتبع ذلك الكلام في المعية؛ ليبين أن هذا كله حق على ظاهره، ولكن يجب أن يُصان عن الظنون الكاذبة وعن خصائص المخلوقين، فإن صفات الله جل وعلا تليق به، ويجب أن يعلم قدر الله جل وعلا وأن يعظم حق عظمته، وليس بين هذه اختلاف أعني: بين العلو والمعية كما سيأتي إن شاء الله، وكذلك القرب، ولم يذكره، ولكن سيأتي فإنه يناسب أن يذكر مع العلو ومع المعية؛ لأنه يبدو لبعض من لم يعرف أوصاف الله جل وعلا على ما يليق به أن هناك تعارض بين هذه الأمور الثلاثة: بين العلو والقرب والمعية، والواقع أنها كلها حق، ويجب أن يعتقد فيها ما دلت عليه النصوص من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، كما سيأتي بيانه إن شاء الله.
في هذه الآية جمع الله جل وعلا بين استوائه على عرشه وبين معيته لخلقه؛ ليبين أن الاستواء لا ينافي المعية، كما أن الاستواء لا ينافي قربه، كما قال جل وعلا:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي}[البقرة:١٨٦] .