للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إثبات صفة الضحك]

قال: (وقوله صلى الله عليه وسلم: (يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة) متفق عليه) .

فيه إثبات صفة الضحك لله جل وعلا، وهي صفة كمال كالفرح، وضحكه يليق به تعالى وتقدس ولا يجوز أن يكون كضحك المخلوق، وما يلزم منه أن يكون المخلوق قد فعل شيئاً خرج به عن العادة التي اعتادها فأوجب له الرحمة، والله جل وعلا ضحكه يليق به، والمخلوق يجهل أشياء كثيرة جداً، والله علّام الغيوب، فضحكه ضحك يخصه ولا يشاركه فيه المخلوق، ولا يجوز أن يكون ذلك، ولا يلزم من ضحك المخلوق نفي ضحك الرب جل وعلا كما يقول أهل البدع: هذا يجب أن يرد ولا يثبت على أصولهم التي سبق أن قررناها.

وفي هذا دليل ظاهر على فضل الشهادة في سبيل الله، وأن الذي يقتل في سبيل الله يدخل الجنة، وأن القتل في سبيل الله يكفر الذنوب، وأن التوبة تمحو كل ذنب حتى القتل، وبهذا يرد على الذين يقولون: (إن القاتل لا توبة له) ، ويستدلون ببعض النصوص كقوله جل وعلا: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء:٩٣] إلى آخر الآية.

نقول: هذه الآية من النصوص التي يجب أن يوقف عليها ولا تؤول، ولكن لا يعارض بها الثابت من النصوص الأخرى، مثل قوله جل وعلا: {قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} [الزمر:٥٣] ، ومثل هذا الحديث ونحوه.

وقد فُسر هذا الحديث تفسيراً جلياً كما في صحيح مسلم: كيف يقتل أحدهما الآخر ثم يدخلان الجنة؟ فذكر أنه الرجل يقاتل في سبيل الله فيقتله الكافر، ثم يسلم ذلك الكافر ويقاتل في سبيل الله فيقتل فيدخل الجنة.

وهذا التفسير جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وله حكم المرفوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>