والكلام عند الأشاعرة ينقسم إلى قسمين: كلام لفظي، وهذا الكلام اللفظي هو الذي يكون مشتملاً على الحروف والأصوات فهذا لا يجوز أن يوصف الله جل وعلا به، بل هذا يكون مخلوقاً، وقد صرح بذلك الجويني وغيره من أئمتهم، أما كثير منهم فإنه يداري في ذلك ولا يصرح إلا لمن يثق به وهذا دليل على بطلانه حيث لا يفوهون به، ولا يذكرونه عند عوام المؤمنين خوفاً من إنكارهم عليهم.
القسم الثاني: كلام نفسي يعني: يكون مستكناً في النفس، وهذا الذي يصفون الله جل وعلا به، ويقولون: هو معنىً واحد لا يتجزأ يقوم بذات الله جل وعلا، وهذا المعنى الواحد سواءً كان توراة، أو إنجيلاً، أو قرآناً، أو زبوراً، أو غير ذلك، فإذا جاء المعبر الذي يعبر عن هذا المعنى الواحد فإن عبر عنه باللغة العربية سمي قرآناً! وإن عبر عنه بالعبرية سمي توراة! وإن عبر بالسريانية سمي إنجيلاً! وهكذا، فهو معنى واحد، فقوله تعالى:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص:١] هو عين قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}[المسد:١] ، وكذلك آية الكرسي، وما أشبه ذلك، وهذا من أمحل المحال، وأبطل الباطل، وتصور ذلك يكفي عن تكلف رده؛ لظهور بطلانه، فكل أحد يدرك بطلانه إذا سلم من الانحراف ومن التقليد الأعمى.
ثم إنه لا فرق بين كتاب الله وكلام الله، فإن بعض أهل البدع يفرق بين هذا، فكلام الله يجعلونه صفة وهو ما قام بالنفس، أما كتاب الله يجعلونه مخلوقاً تعالى الله وتقدس، فإذا قيل: كتاب الله وكلام الله فالمعنى واحد عند أهل الحق وهو الذي دلت عليه النصوص.