وقوله:(بالقدر خيره وشره) يعني: الشيء الذي يضر والشيء الذي يسر، فكل ما وقع للإنسان من خير أو شر فهو مقدر من الله، وإضافة الشر إلى القدر ليس معنى ذلك أن الشر يضاف إلى الله جل وعلا ولكنه يضاف إلى المفعولات وإلى المخلوقات، وليست المفعولات أفعاله بل المفعول غير الفعل، ففعل الله يوصف به، ولكن المفعول هو المخلوق المحدث، كما قال الله جل وعلا:{مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ}[الفلق:٢] يعني: من شر الذي خلقه، فالشر في المخلوق؛ لأن الشر يكون من مخالفة أمر الله وعدم امتثاله هذا هو مصدره، أما الشيء الذي يفعله الله: خلقاً وإيجاداً وأمراً فليس فيه شر وإنما فيه خير، وله فيه حكمة وعدل، ولهذا لا يكون شراً، والشر يكون إضافياً؛ ولهذا لم تأت إضافة الشر إلى الله جل وعلا في شيء من النصوص، بل جاء نفي ذلك كما قال أعلم الخلق به صلوات الله وسلامه عليه:(والشر ليس إليك) يعني: لا نسبة ولا فعلاً فلا ينسب إليه، وليس هو من أفعاله، فأفعاله كلها خير، وإنما الشر يكون بسبب فعل المخلوق، ويكون ذلك داخلاً في تقديره تعالى وتقدس؛ لأن كل شيء ملك له وتحت تصرفه.