قوله:(ثم هم مع هذه الأصول يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة) والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جاء الأمر به في نصوص كثيرة، والله جل وعلا علق خيرية هذه الأمة على أمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر، وقد عد بعض العلماء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصلاً من أصول الإسلام، فقال: أصول الإسلام ستة: الأول: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، الثاني: إقام الصلاة، الثالث: إيتاء الزكاة، الرابع: صوم رمضان، الخامس: حج البيت، السادس: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فجعله أصلاً من أصول الإسلام، واستدل على هذا بالآيات والأحاديث الكثيرة.
وأهل العلم من أهل السنة يعلمون أن هذا واجب، وأنه يتعين على كل من يستطيع أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر أن يفعل ذلك؛ لقول الله جل وعلا:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[آل عمران:١٠٤] فهذا يدل على أن الفلاح خاص بهم، وأن من عداهم يكون غير مفلح بل هو خاسر.
وكذلك قوله جل وعلا:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}[آل عمران:١١٠] والخيرية هي من أجل هذا.
وكذلك قوله جل وعلا:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}[التوبة:٧١] فجعل ولاية بعضهم لبعض في أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، والنصوص في هذا كثيرة في كتاب الله جل وعلا، وفي أحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) يعني: إنكار المنكر بالقلب، فتبين بهذا أن إنكار المنكر فرض، وكذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا أصل عظيم، والعلماء قد تكلموا وكتبوا فيه كثيراً، ويجب على طالب العلم أن يطلع على الأمور التي لابد منها في هذا؛ ولهذا قال:(على ما توجبه الشريعة) لأن هناك أموراً كثيرة تتعلق بالأمر بالمعروف يجب أن يطلع عليها.