قوله:(وتقوم القيامة التي أخبر الله تعالى بها في كتابه وعلى لسان رسوله، وأجمع عليها المسلمون، فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين حفاةً عراةً غرلاً، وتدنو منهم الشمس، ويلجمهم العرق) .
القيامة المقصود بها النفخ في الصور، والنفخ في الصور الصواب أنه يكون مرتين وليس ثلاثاً، النفخة الأولى نفخة الموت والصعق، كما قال جل وعلا:{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}[الزمر:٦٨] .
والنفخة الثانية نفخة البعث، وهي المراد هنا.
والصور جاء وصفه في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قرن عظيم، ودائرته مثل عرض السماء، وينفخ فيه إسرافيل عليه السلام، فتذهب كل روحٍ إلى جسدها الذي كانت فيه بعدما يجمع الله جل وعلا الأجساد من أجزاء التراب المتفرقة التي كانت في الدنيا، ثم تنبت كما تنبت الحبة في حميل السيل، ولكنها بدون أرواح، فإذا تكامل نبتها نفخ في الصور فذهبت كل روح إلى جسدها، فيقومون ينظرون، ثم يُساقون إلى الوقوف بين يدي الله جل وعلا.
وفي هذا المساق يختلفون اختلافاً عظيماً، والحديث جاء أنهم يحشرون حفاةً عراةً غرلاً كما ذكر المؤلف هنا، فقوله:(حفاة) يعني: غير منتعلين.
والعراة يعني: غير مكسوين، يعني: أبدانهم عارية لا نعال ولا ثياب، وأما كونهم غرلاً فمعنى ذلك أن خلقهم يعود كاملاً، والشيء الذي أخذ من جزء الإنسان يعود كما كان، و (غرلاً) أي: غير مختونين.