[قصة أصحاب الكهف دليل من القرآن على إثبات الكرامات]
(وما أثر عن سالف الأمم كما في سورة الكهف) ، مقصوده من ذلك ما ذكر عن الفتية أصحاب الكهف الذين آمنوا بربهم وزادهم الله جل وعلا هدى، ثم إنهم أووا إلى الكهف فناموا ثلاثمائة وتسع سنين، وهذا من العجائب! ولم يتغير منهم شيء، وهم يتقلبون يميناً وشمالاً، وبعد ذلك استيقظوا، وهذا إكرام لهم.
يقول:(وفي غيرها) يعني: في غير سورة الكهف، أما ما ذكر عن الخضر وموسى، وأنه أخبر أن الغلام الذي قتله خشي منه أن يرهق أبويه طغياناً وكفراً، فالصواب أن الخضر نبي يوحى إليه، ولهذا قال:{وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي}[الكهف:٨٢] يعني: أنه بأمر الله جل وعلا، ولكن يقصد المؤلف بقوله:(في غيرها) مثلما ذكر الله جل وعلا عن مريم، حيث كان يوجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف! ولما سألها زكريا عن ذلك قالت: هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، وكذلك حملت بعيسى ولم يمسها بشر، وهذا من الآيات، وهي ليست من الأنبياء، وإنما هي من الأولياء، فهي صديقة كما قال الله جل وعلا، وغير ذلك مما ذكره الله جل وعلا.
والكرامات تبقى في هذه الأمة، وهي من آيات الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يحدث لمن يؤمن برسول الله صلى الله عليه وسلم ويتبعه، فلهذا جعلت من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي كما قلنا: إما أن تكون لحاجة الشخص نفسه أو تأييداً للدين؛ لأنه يدعو إلى دين الله جل وعلا، فيؤيده الله جل وعلا بما يشاء من ذلك.