[أقسام الناس في رؤية الله عز وجل في الدنيا والآخرة]
والناس في الرؤية بين متطرف وبين غال، وبين متوسط، أي أن الناس في الرؤية ثلاثة أقسام: القسم الأول: هم الذين أثبتوها في الدنيا والآخرة، وقالوا: إن الله جل وعلا يرى، وليس معنى ذلك أنه يرى في المنام، أما الرؤيا في المنام فهي ليست حقيقة؛ لأنها مثل يضربه الملك الذي وكل بالرؤية، ولهذا يمكن للمخلوق أن يرى ربه في المنام؛ لأن هذا ليس هو رؤية الله حقيقةً، فإن كان إيمانه حسناً فإنه يرى صورة حسنة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(رأيت ربي في أحسن صورة) يعني: في منامه، فلما كان إيمانه هو أحسن الإيمان رآه في أحسن صورة، أما غيره فلا يمكن أن يراه في الصورة التي رآه فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل يكون أدنى من ذلك.
والمقصود بهذا أن الرؤية المنامية ليست حقيقية، وهي ممكنة، ولكن هؤلاء الذين أثبتوا الرؤية في الدنيا لا يقصدون هذا؛ لأن هذا لا خلاف فيه بين أهل السنة، وإنما يقصدون الحقيقة، وهؤلاء أصحاب أمراض وأصحاب أوهام وأصحاب خيالات، فيخيل إليهم أنهم يرون شيئاً، وأحياناً يكونون أصحاب أمراض وشكوك، وأصحاب شطحات في عبادة الله جل وعلا ومعاملته، فيخيل لهم الشيطان أنه ربهم، فيتراءى إليهم وربما جلس على كرسي بين السماء والأرض وقال لهم: أنا ربكم فصدقوا ذلك.
فإذا قال أحدهم: إني رأيت ربي، فمعناه: أنه رأى ربه الذي هو الشيطان؛ لأن كثيراً منهم يعبد الشيطان فهو ربه، فهذا يوجد عند كثير من الصوفية، وهذا باطل بنص القرآن وبنص حديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
القسم الثاني: هم الذين نفوا الرؤية في الدنيا والآخرة، أما الدنيا فهي منفية، ولكن في الآخرة.
القسم الثالث: هم الذين توسطوا وأثبتوا ما أثبته الله جل وعلا، وأثبته رسوله صلى الله عليه وسلم، بقوله:(كما ترون القمر) قلنا: إن هذه الكاف كاف تشبيه، هو تشبيه الرؤية بالرؤية وليس تشبيه المرئي بالمرئي، يعني: أنه ليس تشبيه القمر بالله جل وعلا، وإنما هو تشبيه رؤية الرب جل وعلا في الوضوح والجلاء برؤية القمر ليلة البدر بوضوح وجلاء، بمعنى: أنهم يرونه واضحاً جلياً، فالتشبيه يكون في الرؤية وليس في المرئي.