للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يهتم بأحد، وإلا فمن المعلوم أن طبيعة الإنسان الخوف مما يكره، لكن نقول: امضِ لسبيلك ولا تلتفت، فقوله: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ} أي: لا يؤثر خوفهم فيكم شيئًا {وَخَافُونِ} لأنكم إن تركتم الجهاد عذبتكم.

٤ - أنه كلما قوي إيمان الإنسان بالله قوي خوفه منه؛ لقوله: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.

٥ - أيضًا أنه كلما قوي الإيمان بالله قوي الخوف منه، وضعف الخوف من أولياء الشيطان؛ لقوله: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.

ثم اعلم أن العلماء رحمهم الله قالوا: إن الخوف ينقسم إلى أقسام:

الأول: خوف العبادة، وهو خوف السر الذي يخاف فيه الإنسان شيئًا خفيًا؛ كخوفه من الولي الميت أو من الشيطان أو ما أشبه ذلك، وهذا عبادة ولا يجوز إلا لله عزّ وجل.

الثاني: خوف طبيعي يعتري الإنسان بسبب وجود ما يخاف منه، وهذا لا يلام عليه العبد إلا أن يكون سببًا في ترك واجب أو وقوع في محرم، وإلا: فإن العبد لا يلام عليه وقد وقع من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، قال الله عن موسى: {فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} [القصص: ١٨]، وقال سبحانه وتعالى يخاطب موسى حينما ألقى عصاه فإذا هي حية تسعى: {قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ} [طه: ٢١]، وقال عن موسى حينما اجتمع السحرة له قال: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} [طه: ٦٧]، وقال عن إبراهيم لما جاءته الملائكة ولم يأكلوا: {فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>