للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن ما دمنا نعرف أن هذا متاع الحياة الدنيا فلننظر إلى هذه الأشياء نظرة جدٍّ لا نظرة شهوة، فإذا كان ذلك ينفعنا في الآخرة فالنظر إليه طيب ونافع، ويكون من حسنة الدنيا والآخرة. أما إذا نظرنا إليه مجرد نظر الشهوة فإنه يخشى على المرء أن يغلب جانب الشهوة على جانب الحق، ولهذا أدنى الله مرتبة هذه الأشياء ووضعها حيث قال: {ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.

وقوله: {وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}:

يعني: حسن المرجع في الدار الآخرة؛ لأن مرجع كل إنسان إلى الآخرة، إما إلى جنة، وإما إلى نار، وليس ثمة دار أخرى ثالثة، كل الناس، بل كل الجن والإنس مآلهم في الآخرة إلى الجنَّةَ أو إلى النار، وليس ثمة دار أخرى.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - حكمة الله عزّ وَجَلَّ في ابتلاء الناس بتزيين حب الشهوات لهم في هذه الأمور السبعة.

ووجه الحكمة: أنَّه لولا هذه الشهوات التي تنازع الإنسان في اتجاهه إلى ربه لم يكن للاختبار في الدين فائدة. فلو كان الإنسان لم يغرس في قلبه أو في فطرته هذا الحب لم يكن في الابتلاء في الدين فائدة؛ لأن الانقياد إلى الدين إذا لم يكن له منازع يكون سهلًا ميسرًا، ولهذا أول من يستجيب إلى الرسل الفقراء الذين -غالبًا- حرموا من الدنيا، لأنه ليس لديهم شيء ينازعهم لا مال ولا رئاسة ولا غير ذلك.

٢ - أنَّه لا يذم من أحب هذه الأمور على غير هذا الوجه، وهو محبة الشهوة، وذلك لأنه إذا زينت له محبة هذه الأمور لا

<<  <  ج: ص:  >  >>