للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسوف. وإذا خلا فهو صالح للحاضر والمستقبل. فهنا يقول: {يَعْلَمُ} يعني أن علمه عزّ وجل مستمر دائمًا.

* * *

• ثم ذكر الله عزّ وجل حال إبراهيم ذكرًا صادرًا عن علم، لا عن جهل، فقال: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [آل عمران: ٦٧].

يعني ليس على ملتكم أيها اليهود ولا علي ملتكم أيها النصاري. وهذا علي قول من يقول: إن محاجتهم في إبراهيم أن اليهود يقولون: هو منا، والنصاري يقولون: هو منا، فنفي الله ذلك.

وعلي القول الثاني يعني ما كان إبراهيم علي ما أنتم عليه من التعصب والتمسك بدينكم وإن كان منسوخًا باطلًا بدين الإسلام {وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا}، فلو أن إبراهيم كان حيًّا لاتبع محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكن كحالكم يبقي علي ما هو عليه في دينه، كما بقيتم أنتم. فالآية تحتمل الوجهين بناءً علي القولين السابقين، أي ما كان إبراهيم يسير سير اليهود فيتعصب، أو يسير سير النصاري فيتعصب، وليس المعني علي القول الثاني، أنه ما كان يهوديًا أي علي دين اليهود، أو علي دين النصاري، بل ما كان علي طريقتهم في التعصب لما هم عليه، وإن تبين أن الحق في خلافه، ولكن كان حنيفًا مسلمًا عليه الصلاة والسلام.

{حَنِيفًا} أي مائلًا عن الشرك؛ لأن الحنف في الأصل الميل فهو مائل عن الشرك، مثبت للتوحيد، ولهذا قال: {مُسْلِمًا} فهو جامع عليه الصلاة والسلام بين البراءة من الشرك

<<  <  ج: ص:  >  >>