للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

• ثم قال الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: ٨٥].

(من) شرطية، و {يَبْتَغِ} مكسورة، مجزومة بحذف حرف الياء؛ لأن أصلها (يبتغي).

وقوله: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا}:

{غَيْرَ}: مفعول يبتغِ، و {دِينًا}: يصح أن تكون مفعولًا ثانيًا، أي: (من يطلبه دينًا)، أو تكون تمييزًا (لغير) المبهمة؛ لأن (غير) اسم مبهم. و (يبتغي): بمعنى يطلب.

وقوله: {غَيْرَ الْإِسْلَامِ} المراد بالإسلام هنا: الإسلام الخاص وهو الذي جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم -، وإن كان الإسلام في الأصل يُطلق على: الاستسلام لله في كل زمانٍ ومكان، وكما ذُكِر عن الأنبياء السابقين أنهم يُطلقون الإسلام: {قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل: ٤٤]، والآيات في هذا كثيرة، أن الرسل وأتباعهم مسلمون، ولكن هذا هو الإسلام العام، أما بعد بعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فكل ما يُسمَّى إسلامًا فهو ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقط.

إذن {غَيْرَ الْإِسْلَامِ} أي: غير شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ لأننا نقول: المراد بالإسلام هنا الإسلام الخاص الذي هو شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم -.

{دِينًا}: أي عملًا يَدين به الله، ويرجو أن يُدان به بالثواب من عند الله؛ لأن الدين يُطلق على الجزاء والعمل. ففي قوله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون] المراد به العمل، وفي قوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} [الانفطار: ١٧، ١٨] المراد به الجزاء، وفي قوله هنا: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا} المراد به العمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>