١٠ - أن الحسب هو الله وحده ولا أحد معه؛ لقوله:{حَسْبُنَا اللَّهُ} ولم يقولوا: حسبنا الله ورسوله، بل قالوا: حسبنا الله وحده، فالله وحده هو الحسب كما أنه وحده المتوكل عليه، وبهذا نعرف أن قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[الأنفال: ٦٤] أن (مَنْ) في قوله: {وَمَنِ اتَّبَعَكَ} معطوفة على الكاف في قوله "حسبك" وليست معطوفة على لفظ الجلالة {حَسْبُكَ اللَّهُ}، لأنها لو عطفت على لفظ الجلالة لكان المعنى أن الله حسبك ومن اتبعك من المؤمنين حسبك، وليس الأمر كذلك وإنما حسبه وحسب من اتبعه هو الله عزّ وجل.
١١ - الثناء على الله عزّ وجل لكونه وكيلًا لعباده أي حسيبًا لهم وعمدة لهم؛ لقوله:{وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}.
١٢ - إثبات اسم {الْوَكِيلُ} لله لأن تقدير الآية: ونعم الوكيل هو، وقد ذكر الله تعالى في آية أخرى أنه على كل شيء وكيل، (فالوكيل) من أسماء الله تعالى، ومعناه المتكفل بشؤون عباده، وليس معناه القائم بالأمر نيابة عنهم.
* * *
• ثم قال تعالى:{فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}[آل عمران: ١٧٤].
قوله:{فَانْقَلَبُوا} أي: انقلب هؤلاء الذين استجابوا لله والرسول وخرجوا بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لقتال هؤلاء الكفار الذين بلغهم عنهم أنهم مجمعون على الكرة على المسلمين {بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ .. } فإنه لما خرجوا بلغوا ما بلغوا من الطريق؛ بلغوا حمراء