للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقالوا: إن الله تعب واستراح، وكذبوا. وكل ما وصفوا الله به مما لا يليق به فهم كاذبون فيه.

وقوله: {وَهُمْ يَعْلَمُونَ}:

الجملة حالية حال من الواو في يقولون، يعني يقولون الكذب وهم عالمون بأنه كذب. فيكون هذا أشد إثمًا ممن قال الكذب وهو لا يعلم أنه كذب.

* * *

• ثم قال تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران: ٧٩].

قوله: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ} كلمة "ما كان" تستعمل في الشيء الممتنع شرعًا أو قدرًا.

فقوله تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ}. هذا ممتنع شرعًا وقدرًا. وقوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] ممتنع قدرًا، بل ممتنع وصفًا؛ لأنه لا يتصور أن يأتي به القدر، مستحيل أن يكون الله تعالى ناسيًا أو منسيًا. وقوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} [الأنفال: ٣٣] ممتنع شرعًا، ولو شاء أن يعذبهم وهو فيهم لعذبهم، ولكنه ممتنع شرعًا.

{لِبَشَرٍ} البشر هو الإنسان من بني آدم، وسمي بشرًا لظهور بشرته. فإن بشرة الإنسان ظاهرة بارزة ليمس عليها شعر ولا صوف ولا وبر ولا ريش ولا زعانف بادية. وقيل: سمي بشرًا لظهور أثر البشارة عليه فيما إذا أخبر بما يسره، ولا مانع من أن يكون سمي بشرًا لهذا ولهذا، والحكمة من أن الله تعالى جعل الآدمي بارز

<<  <  ج: ص:  >  >>