حكمت عليه بالكفر فقد أبحت دمه وماله، وحرمته الجنة وأوجبت له النار، وأوجبت فسخ نكاح زوجاته منه، وألا يرثه أحد من أقاربه، وألا يصلى عليه، وألا يدفن مع المسلمين. فأحكام الكفر ليست هينة حتى تكون على ألسنة كل أحد.
قوله:{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا} هذه الجملة مؤكدة (بإن) لأن المقام يقتضي ذلك، إذ إن المقصود بيان أن الله تعالى يصطفي من الناس من شاء:{اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ}[الحج: ٧٥]، يعني ومن الناس رسلًا.
وآدم عليه السلام هو أبو البشر، خلقه الله تعالى خلقًا مستقلًا وليس متطورًا من جنس آخر أو من نوع آخر قبله كما يقول أهل الإلحاد. ومن ادعى ذلك فقد كفر بالله؛ لأن الله تعالى أخبر في كتابه في عدة مواضع أن الله خلق آدم من تراب، من صلصال كالفخار، من طين، خلقه بيده ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته. فمن زعم غير ذلك فهو كافر مصدق لغير الله مكذب لله -والعياذ بالله- مع العلم بأنه لن يأتى أحد بكلام عن آدم وابتداء خلقه وكيفية خلقه غير مستند في ذلك إلى الوحي فإن قوله غير مقبول، لأنه لم يشاهده، قال الله تعالى:{مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ}[الكهف: ٥١]، وقال الله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ