الشهادة قد تكون بالقول، وقد تكون بالفعل. وشهادة الله سبحانه وتعالى لنفسه بانفراده بالألوهية هنا، كشهادته لرسوله - صلى الله عليه وسلم - بأنه أنزل عليه الكتاب بقوله:{لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ}[النساء: ١٦٦]؛ فقد شهد عزّ وجل هو وملائكته لنفسه بالوحدانية، ولنبيه - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة، والشهادة في الموضعين قولية.
وأما الشهادة الفعلية ففيما يظهره الله سبحانه وتعالى من آياته؛ فكل الكائنات تشهد لله عزّ وجل بالوحدانية بلسان الحال، وكذلك تأييده لنبيه - صلى الله عليه وسلم - بالنصر، وجعل العاقبة له، هو شهادة له بأنه رسول الله حقًّا.
وقوله تعالى:{لَا إِلَهَ إِلَّا هُو}:
أي: لا معبود حق إلا الله، فكل ما عُبد من دون الله فهو باطل، وإن سمي إلهًا؛ فإن ألوهيته مجرد تسمية. كما قال الله تعالى:{مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ}[يوسف: ٤٠]، فلا معبود حق إلا الله. وأما المعبود باطلًا فهو موجود؛ كما سمَّى الله تعالى الأصنام آلهة في قوله تعالى:{وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ}[يس: ٧٤]، وقال تعالى:{فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ}[هود: ١٠١]، وقال:{فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ}[الشعراء: ٢١٣]،