للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسق واحد لم يكن فيه ما يستدعي الانتباه. ولهذا يمشي المخاطب أو المتكلم ولا يوجد في كلامه ما يستدعي الانتباه، فإذا تغير الأسلوب وجاء الاسم مظهرًا بموضع الإضمار فإن الإنسان ينتبه.

ثانيًا: أن في الإظهار في موضع الإضمار التعليل للحكم الذي جاء فيه الإظهار في موضع الإضمار، وذلك أن قوله: (فإن الله يحبه) ليس فيه إظهار العلة، كقوله: {فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} لأنه إذا قال: {فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} لتقواهم فأفاد العلة.

ثالثًا: أنها تفيد التعميم أي: كل من يَعُمُّه هذا المظهر، واقرأ قوله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: ٩٨]. ولم يقل: (فإن الله عدو له) لأجل أن يشمل كل كافر سواء كان كفره بهذه العداوة، أو بغيرها، فيكون في هذا تعميم الحكم.

[من فوائد الآيتين الكريمتين]

١ - بيان انقسام أهل الكتاب إلى قسمين: أمين وخائن، كما انقسموا إلى قسمين: مؤمن وكافر، فمثلًا عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - كان من أحبار اليهود فمنَّ الله عليه بالإسلام فأسلم. وكعب بن أشرف من أشراف اليهود ولكنه بقي على كفره فلم يؤمن، فهم كما انقسموا إلى كافر ومؤمن انقسموا أيضًا إلى خائن وأمين، ولقد عامل النبي - صلى الله عليه وسلم - اليهود، ومات ودرعه مرهونة عند يهودي (١)،


(١) رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب ما قيل في درع النبي - صلى الله عليه وسلم -، رقم (٢٩١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>