للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

• ثم قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: ١٨٥]:

{كُلُّ نَفْسٍ}: "كلّ" من صيغ العموم، والنفس قد يراد بها الروح، وقد يراد بها البدن بالروح، وكلاهما صحيح، فالموت يذوقه البدن وتذوقه الروح.

وقوله: {ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} أي ذائقة طعمه أي: لابد أن تموت، ولكن الله عبَّر بالذوق لأنه أبلغ في الحصول؛ لأن الذوق يحصل به حق اليقين، وقد قسَّم العلماء اليقين إلى ثلاث درجات: علم، وعين، وحق، فالعلم بالخبر، والعين بالمشاهدة، والحق بالذوق.

فإن قال قائلٌ: هذه تفاحة وقد أخفاها في كيس، والقائل صدوق، فهذا تسميه: علم اليقين، فإذا كشفها فهو عين اليقين، فإذا أكلها المُخبر فهو حقُّ اليقين، ولهذا عبر بالذائقة؛ لأن الموت حق لابد لكل حيٍّ من موت، إلا الحي القيوم عزّ وجل.

قوله: {كُلُّ نَفْسٍ}: هل المراد من بني آدم ومن الجن ممن على الأرض، بحيث نقول: إن الملائكة لا يموتون؟

الجواب: لا. كل أحدٍ يموت، {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [الزمر: ٦٨] ذكر العلماء أنه يستثنى من هذا من لا يموت ممن خُلقوا للبقاء كالولدان الذين في الجنة والحور اللّاتي في الجنة، فإنهم خلقوا للبقاء فلا يموتون. أما الملائكة وجميع الخلق فإنهم يموتون.

وقوله: {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}:

<<  <  ج: ص:  >  >>