للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن صيغة المبالغة تدلُّ على الكثرة، والنسبة تشمل الكثرة والقلَّة، فهل المراد هنا صيغة المبالغة أم النسبة؟ المراد النسبة، لأننا لو قلنا: إن المراد بذلك صيغة المبالغة لكان المنفي كثرة الظلم، مع أن الله لا يظلم مثقال ذرَّة، وعلى هذا فنقول: (ظلَّام) هنا نسبة، أي: ليس بذي ظلم، كما نقول: فلان ليس نجارًا، يعني: ليس بذي نجارة، أي ليس منسوبًا إلى النجارين.

وقوله: {لِلْعَبِيدِ} جمع عبد، وعبد: اسم مفرد، وهو من أكثر المفردات جموعًا، وله جموعٌ متعدِّدة كثيرة، مثل: (شيخ) اسم مفرد له جموع كثيرة تصل إلى عشرة جموع.

و(العبيد) هنا: المراد بهم: العبيد كونًا. فهو لا يظلم أحدًا من العبيد كونًا، وإنما قلنا كونًا لندفع أن المراد بذلك العبيد شرعًا، وهم المتعبِّدون لله، فالعبودية في هذه الآية هي العبودية العامة والشاملة للكافر والمؤمن، فالله لا يظلم كافرًا، ولا يظلم مؤمنًا، بل يُجازي كل إنسان بعمله.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - إثبات الأسباب، وتؤخذ من قوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ}.

٢ - نفي الظلم عن الله عزّ وجل في قوله: {وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} وهنا نقف لنبيِّن أن الله سبحانه وتعالى موصوف بالإثبات وموصوفٌ بالنفي، أما الإثبات: فإن الله عزّ وجل وصف نفسه بإثبات كل صفة كمال، فكل صفة كمال فهي ثابتة لله عزّ وجل، وميزان الكمال نصوص الكتاب والسنة، ولهذا نحن لا نحكم على الله فنقول: هذه صفة لائقة بالله عزّ وجل، وهذه صفة

<<  <  ج: ص:  >  >>