للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

• ثم قال تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [آل عمران: ١٨٢]:

هذا من تمام قوله: {وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} أي: يقال لهم زيادةً في التوبيخ والندم والحسرة ذلك، أي ما أصابهم من العذاب والتوبيخ، فالمشار إليه ما سبق في قوله: {ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ}، وهنا قال: (ذلك) مع أنه يتحدَّث عن جماعة وأتى بكاف الخطاب المفردة؛ لأنه مرَّ علينا قريبًا أن اسم الإشارة بحسب المشار إليه، وأن الكاف بحسب المخاطب على اللغة الفصحى، أو هي بفتح الكاف مفردة للمذكر وبكسرها مفردةً للمؤنث، أو هي بفتح الكاف المطلقة، وكلها لغات، لكن الأكثر أنها بحسب المخاطب.

قال: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ}:

أي بسبب، فالباء هنا للسببية. و (ما) اسم موصول بمعنى الذي، أي بالَّذي، وقوله: {قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ}: أي في الدنيا. والمراد بالأيدي هنا أنفسهم، لكن أُضيف العمل أو المقدَّم بالأيدي؛ لأن الغالب أن الأيدي هي محل البطش والعمل، وإلا فمن المعلوم أنه قد قدَّمت أيديهم وألسنتهم وأرجلهم، فكلها عملت بالشرك.

قال: {وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}:

{وَأَنَّ} هنا بالفتح عطفا على (ما) في قوله {بِمَا قَدَّمَتْ} أي: وذلك بأن الله ليس بظلّامٍ للعبيد.

وقوله: {وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ}، (ظلّام) على صيغة المبالغة، ولكنها في نفس الوقت على صيغة النسبة، والفرق بينهما:

<<  <  ج: ص:  >  >>